أحياناً أتمنى لو كانت المواد المُخدّرة تُباع في الصيدليات عوضاً عن إحتكارها في المستشفيات .. أو عوضاً عن ذلك أن يخترع المتديّنون خمراً حلالاً يمكننا شربه دوّن تحرّش الأنظار بنا .. وأتمنى أكثر من ذلك أن تُوزع تلك المواد على كلِّ منزلٍ بالمجان حتّى يتسنّى للمفلسين مثلي تجربتها .. أو أن يُسمح لنا بأخذها من المشفى دون تحقيق !
في ماذا يُفيدني إنتظاري الآن ؟ لا شيء .. أنا فقط أتطلّع لرؤيّة أشعّة الغد وهي تتسلّق الجبال لتظهر لنا بكامل بهاءها .. وأن أرى صديقتي تبتسم لي بتلك الإنحناءة الشفويّة التي أحبّها .. أو أن تنظر لي العاملة بغضب حين أمرر قدمي المُتسخّة في زاويةٍ نظّفتها لتوّ .
وأكثر من ذلك أتوق لِتعديل كتابتي لمقالِ الغد ومسح إخطاءه بالممحاة التي أستهلكها الزمن .. أو أن أكتب بالقلم الورديّ الذي أحضره لي أخي من أرضٍ بعيدة و الذي يُذكّرني بشفاء التي لم أرها منذ سنينٍ طويلة .. أتطلّع أن يسقط رأسي ناعساً على غفلةٍ منّي أثناء الشرح ثم أفتح عيني لأرى أستاذتي تُقطّب جفنها ثم تبتسم لي بفعويّة وشفقة !
هذه التفاصيل اليوميّة المُتناهية الصِغر هي ما يجلب لي سعادتي اليومية التي تؤمّن لي سعادةً سنويّة تتطور إلى أبديّة ..