الأحد، 5 فبراير 2017

محاولة صيد فاشلة

الزمن: 3 دقائق و ثانيتان.
غرض الكتابة: مُحاولة صيد السَفَلَة.
-

- "توقفي عن القراءة، إنها تلوّثك بجعلك تخوضين في ذات البواليع التي يخوض فيها الجميع".
- "أجننتِ؟ كيف بإمكانك حثّها على ترك القراءة دون أن تشعري بغباء ما تقولين؟".
صوت آخر، من مسافة لا تقل عن مترين خلف الصدغ الأيمين: "هاتان الغبيتان ستعيقان تطورك كإنسانٍ سويّ قادر على الاختيار الذاتيّ، اسمعي .. ما رأيك أن تغسلي قدميك بالماء البارد الآن؟".
- "يالكِ من ساذجة! توهمينها بأن غسل قدميها أولوية الآن؟ لطالما كنتِ سطحية وغير واعية بما يجري في عقل هذه المجنونة!"
- "حسناً، إنها تتأوّه الآن وتخطو كالسكارى نحو كوب قهوة آخر .. أهذى أمر جيد أم سيء؟ لا أعلم ولم أقصد الإستماع إلى أجوبتكم السخيفة".
- "هناك .. خلفكِ، أتشعرين به؟ لا يسعى للإنقضاض، يُحاول العثور على أفضل زاوية ليسخر من لاجدوى وقتكِ في الحمام.".
- "ألازلت تملأ رأسها بتفاهات المراقبة المجهولة المؤكّدة هذه؟ أنتَ مريض وتُحاول أن تمرضها معك".
أصوات أخرى غير مكتملة النمو تصيح من جهات مختلفة يصعب تتبعها : "اكتبي/ لا تكتبي .. أنتِ متعبة/ تناولي أقراص الحبوب المخبّئة في كوب لاستيكيّ/ هذه الأصوات ستقودك لبلاهة معقّدة/ ما الذي تفعلينه يا حمقاء .. لمَا لم تموتي بعد؟/ اصمتِ .. بإمكانك تتبع ....".

صوت ينفذ من أقصى نقطة فوق رأسي ويتمثّل في عجوزٍ بملامح غير واضحة وشعرٍ طويل أبيض يلمّ جلّ الدماغ ليلقي أمراً مقدساً: "من هؤلاء وماذا يريدون؟ لماذا لا أستطيع رؤيتهم؟ يا إله الجنون .. ما الذي فعلته لأستحقّ حفلةً فكريّة بشخوص وحوادث مختلفة كل بضع دقائق؟ ربما .. ربما يجب عليّ عمل شيء لإيقافها، لا أستطيع سماع الكائن الحقيقيّ الجالس بجانبي، هذه الأصوات تشوه وتُعطل عملية السكب البشريّ المتبادل من أفكار وعواطف، تمنعني حتّى من الأستماع لعواطفي ورغباتي الحقيقية (أو كما أظنّ على أية حال، إن لم نحظى بالحقيقة فماذا يمنع تمثّلها؟) . كل المشاعر والأفكار الممكنة مرهونة بما يحدث أثناء حفلة تبادل الشتائم بين هذه الأصوات الأنانية الساديّة، بإمكانها أن تنقلني بين خمس عوالم مختلفة، أو عشر .. وفي أسوء الحالات أكفّ عن العدّ لكثرتها، وكأنها تمسك يديّ لتوقفني رأفةً بي.
بقدر ما تبدو فكرة وجود أصوات دائمة مريحة ودافئة لأنها تؤنس وِحدتي .. إلا أنها لا تتحدث إليّ، بل عنّي. أشعر معها كأنني صبية في الخامسة يحاول الجميع إبداء آرائهم بما يعنيه الأفضل لهم. دون أن تفهم لما، أو ماذا بعد.
"صوت ريمكس يهدد بثقب طبلة الأذن".

الجمعة، 3 فبراير 2017

نادي التافهين

الدِماء أم الإبر أمامي .. مُحكمة الإغلاق وكأنَّ صانعها يعرفني شخصياً؟
أم هذا الخواء الذي يجبرني على تصنّع التفاهة .. تفاهة الأكل بشراهة وكنس الأرضية اللامعة والتيقّظ خلال النوم ومحالة التمييز بين الألوان. محاولة أحاول فيها إنجاح محاولة الآخرين في النظر إليّ بنظرة أقرب للطبيعية .. كأن أكون قادرة على الإحساس بإحساسين مُختلفين أثناء العصر والمغرب. أو أن أُبدي ردّتيّ فعل مختلفتين حين أنظر إلى فستانين بالغين الإختلاف للأعين الطبيعية. كأن أكون قادرة على تمييز الوجبات وفقاً لما يلائمها في ألوان الطبيعة. أو ربما، وهو أقصى ما يتطلعون إليه وما أتمنى اتقانه لأنعم بهدوءٍ لا تعكّره نظرات استحقار أو عبارات مؤذية عفوية، أن أستطيع النظر في عينِ ضحيّةٍ سينمائيّة دون الشعور بالخوف على قاتلها ودون تكرار حفلات ألعاب الدم الفوضوية .. والرائعة. أحياناً لا أفهم سبب تعاطفي مع القتلة المتسلسلين والمساجين المؤبّدين .. وأحياناً أخرى أفهم. أشعر أن بإمكاني تحمّل ذات السواد والسوء في قلبي دون محاولة معالجته بإحياء الضمير والإحساس بالذنب. أشعر كما لو أن بالإمكان صنع شرخٍ في الوريدِ الأوسع في قلبِ الكون دون الشعور بالنهاية .. ودون رسم تفاصيل ساذجة عمّا يُمكن أن يحدث. قطع الأوصال لمجرد قطعها .. أو للشعور بشيء جديد أو أوّل، وإنهاء تضخّم أفكار مجرّدة في دماغٍ لم يعد يتّسع. إلى أين سيقودني هذا الخواء؟