السبت، 9 يوليو 2016

نافذة بلا زجاج


السّاعة: 3:46 فجراً.

-

لا أدري إن أوشكت الشمسُ على الشروق، سطحُ الغٌرفة لا يُبدي رأياً بذلك.

وِسادتي بيضاء عدا بعض البقع السوداء لأنني لم أنسى إزالة الكحل ليلة أمس.

أعلم أنّه ليس بإمكاني التأكّد من صلاحي ونفعي، لهذا اعتمدت على أحكام الجدار لأنّها تُرضيني وتُوافقني الرأي بي.

ما لم أتعمّده حقّاً هو إضافة بضع ألعابٍ أخرى في حديقة عقلي الخاصّة، ضاعفت الإضافة إغراء الحديقة للطفلِ الكائن بداخلي، الآن يستطيع اللعب بوضوح في الظّلام.

أستخدم السجّادة كواقي فعّال من حرارة اللابتوب، ليس لأنّ السرطان بشع بل لأن حرارة اللابتوب تُشعرني بعدم الصلاح الأخلاقيّ.

لماذا نهرب كلّما شعرنا بعهُرنا؟ لماذا نتغلغل فيه لنهرب أسرع؟

تتعدد الطرق، وينجو الجميع، من عهرهم، من بشاعتهم، من سطحيتهم، من وحشيتهم ومن حقيقتهم.

أُحاولُ ألّا تكون هذه التدوينة عن شيء لتعكس الجانب الأهم منّي ومن تحليلاتي للواقع، قد لا أكون مضطرة لشرحِ هذا لكن أدرك أنني أكتب في المقام الأول لأكثر القرّاء المخلصين: لــي.

هذا الصوت الذي يتعمّد تخطّي الحبال الصوتية ليخرج من أحشاءِ المغنّي إلى أحشائي، صوتٌ استفاق لتوّه من نومٍ لذيذ.

أعترف، أكتبُ الآن لأثبت ضعفي. أكتب لكيلا أرفع قدمي خطوة أخرى نحو المرحلة التالية، أكتب لتمنحني الكتابة عذراً آخر لكيلا أكونً بكامل جرأتي الآن لأقنع الآخرين بضرورة رجمي.

لا أشعر بالوحدة بقدر ما أشعر بضياع وقتي في شعوري بالوحدة.

لستُ موجودةً هُنا الآن، لستُ على سريري، لا أرتدي قميصاً بنفسجياً ولم ألف شعري الخفيف المُتساقط بمشبكٍ برتقاليّ.

أنا هُنا الآن، أخرجُ رأسي من كهفي المضغوط بالغازات السامّة والمُزيّن بغزلِ العنكبوت نحو الخارج، نحو الشمس التي تُعاكس السماء وتتبختر في لجوئها للأعلى، نحو مكانٍ تعرفُ أنّه لن يؤذيها. قد لا أختلف عن الشمسِ كثيراً، كِلانا تُخرج رأسها من مكان ما وتدفع جسمها للداخل خوفاً من التجلّي، خوفاً من الإندفاع الذي لا طائل منه.

لطالما تمنّيت ألّا أتمكّن من التفكير، من التخيّل أو من الإستيعاب. حقق لي هذا الثالوث مالم تحققه أيَّ قوة أخرى تدّعي بأنها موجودة، فقد حقق لي البؤس.

مخاوفنا الحقيقية لا تكمن في محض أوهام نسميّها الجزاء الأخير، بل هُنا، في البدايات المُتلذذة بإلتهامِ وقتنا و عواطفنا و مبادئنا و أسبابنا.

لقد عشتُ 21 سنة. أدركتُ فيها أنَّ كُلَّ شيئاً مهما بدا مهمّاً ليس سوى ضياعٍ مثاليّ للوقت.

ما جدوى العيش في عالمٍ لا يحترم وقتك؟ عالمٌ صمم نفسه ليستهلك كلَّ ما يعنيك، رمال الزمن المُتحرّكة.

لم أعد بِحاجة لفحص الآخرين سلوكياً، أو لتجربة حظّي بين الصداقات المتعددة، لم تعد هذه الحيوانات شبه الواعية تهمّني، لم يعد يهمّني شيء سوى تقبّل حقيقة ضياع وقتي بينما أتفحًص أفكارهم وأسبابهم وطرائقهم.

إلى قارئتي الوحيدة، إليّ، لا أأسف لإعلامكِ أنَّ هذه هي التدوينة الأخيرة، فقد فهمتُ كُلَّ ما يستدعي الفهم، لا حاجة للكتابة بعد الآن.

شكراً لإخلاصكِ، وشكراً للكتابة، لقد مهّدت لي بكُلِّ أدبٍ وترويّ حقيقة اللامعنى. شكراً لجميع الشخوص اللذين مرّوا من هُنا، شكراً للنافذة من زجاج.







                                                                 - الخــــــــاتمة -