لا أنوي كتابة شيء في الحقيقة .. لا أشعر بشيء وليس لديّ قضية مُلحّة لأعرضها .. كما أشعر بالتورّط بشكل أو بآخر في هذه الزوايا الأربع التي تحتّم عليَّ بطريقة بغيضة كتابة أيّ شيء تافه لا يستحق سبباً آخر لاكتظاظ الشبكة .
أو ربما .. فقط ربما .. تكون هذه المقدمة السلبيّة مفتاحاً لهروب آخر .. الهروب الذي نجحت فيه وفَلَتت من العقاب .. هل توجد مِقصلةٌ أخرى تُبيدُ الإبن الذي خَذلَ أباه ؟ أم أنني توهّمتُ وجود عدالةً كتلك تُقصي الجبناء وتعيدهم لنقطة أبعد من التي هربوا منها .. ليتني أستطيع الإمساك بالزمنِ مرّة أخرى لألويهِ بكفّي الخشن وأُبصِر ما بعده .. ما بعده؟ أيعود الأبُ الروحيّ الذي أعطى كُلَّ شيءٍ لِينال إقصائه؟ أي عدالةٍ ننتظرها في واقع لا يُجيد تكريم المُضحّين .. بينما يتفنن في إخراج نفاياته وتقنيعها بما يُلائم فضيحته التالية .. ماذا تنتظر من واقِعٍ ظنَّ إيلان سمكةَ هامور .. وظنَّ ملايين الهاربين من جحيم لا يستحقّونه خائِنين وناكرين لِجميل وطنٍ أطعمهم الحجارة وأسقاهم العَرق .. ماذا تنتظر من واقعٍ تجري فيهِ الشعوب كقطيعِ مرضى خلف قائِدٍ يُقرِرُ مِن كُرسيهِ المُريح تفجير منزلٍ تسكنه عائِلةٌ سعيدة .. لن يمكنك تغيير واقعٍ يظنّ أنَّ كايلا جَنَت على نفسها اختطافها واغتصابها مِراراً وأخيراً قتلها من قِبل داعش .. في واقع كهذا لا يُمكنك توقّع الأفضل، لكن يُمكنك إغلاق عينيك بِلاصقٍ أبديّ وقص أُذنيك لتُخفف جرعة الواقِع المُرّ .. متى شرِبت الشاي آخر مرّة؟