الثلاثاء، 15 يوليو 2014

البَعث .


هُناك فرقٌ حينَ تدفعك مشاعرك لِلكِتابة .. أو حين تلبّي ذلك إستجابةً للرّوتين أو تمضيةً للوقت .. لأنَّ السبب الأوّل يضمن لكَ الصِدق فيما تكتب بينما قد يلوّث الثاني نواياكَ قليلاً .. ارتكبتُ جرم الكِتابةِ الرّوتينيّة زماناً وكانَ ما كتبتُ فِيها أبشع ما يُمكن أن يُقرأ .. أعي أنَّ الندمَ لا يُعيد شيئاً لكنّي نادِمةٌ حقّاً على بعض ممّا كتبت الأشهرَ الماضيّة .. الكلمةُ التي لا تصدر مِن قلبك لا تستحقّ أن تُكتب .. بل يجب أن تتوبَ عنها كيلا تحمّلك اللغة وِزرها الثقيل الذي سيعلّق يداكَ فِي المِشنقةِ زمناً لا تعرفُ متى ستُعفيكَ اللغة عنه .. اللغةُ كَكّل الأديان التي يُسبّبها الوحي ويستوجب إحترامها على الأقلّ إن لم يُستطع تقديسها .. ليتها تهدأ قليلاً لِتمنحنا جميعاً فرصةَ للإعتذار .
وأنت .. عيبٌ أّلا يُلحِقكَ الجميع فِي كتاباتِهم لتتطهّر وتتجمّل .. بل ولِتحوّلها لِكائنٍ وديع عِوضاً عن رغبةِ الكاتِب الذي أرادها مُفترِسة .. ولأنني أُحبُّ الجمال فلن يفوتني أن أجعل ما أكتبُ متمحوِراً حولك وحول وجودِكَ البَعيد الذي لا يكفّ عن تطهيري .. تُطهِّرَني مِنَ الدَنس كرِحلةِ الحجِّ الأولى .. وتمنحني شرفَ أن أخرِجَ مِن بطنِ أمّي مرّتين .. بل وتزيدني شرفاً حينَ تؤّذِّنُ في أذني لتمنحني الأمانَ الذي لن يُنتهَك مهما تطاولت الحياةُ عليّ .. قربكَ الذي وجَدَ له مكاناً في دمي مُحالٌ أن يقِلَّ وإن اجتمع الكونُ على أن يمنعوه .. صِرتَ كُلّي .. والفِكرةُ التي لا مناصَ مِنها في يومي .. بل أراكَ تتحرّك في قلبي كطفلٍ غزاويّ فرِحٍ بتحرّر وطنِه .. أراكَ ترى إليَّ مِن كُلِّ الأبعادِ حولي .. بل طمِعتَ وصارَ فيكَ شيءٌ مِن كُلِّ ما اؤمنُ بِه .. أباً وأخاً وإبناً وحبيباً وصديقاً .. وإن اختفى العالمُ حولي لن أفتقده لأنّك العالمُ وإنِ تلاشى العالم .. القربُ المُستحيل لم يمنع أن أتوِّجكَ قدّيساً لي .. بل لن يمنعَ قدسيّتك بِداخِلي حتّى جميع الأوثان في العالم الذي نستنشِقهُ معاً .. حطِّم الأصنامَ واتركني أقفُ بِمُفردي فِي قلبك دونَ حراكٍ وبعينانِ حجريّتان .. ثُمَّ مرّر يداك أمامَ عيني لأستيقِظَ وأولدُ بشراً سويّا كُلّ اهتمامِهِ مُنصبٌ عليك .. السماءُ التي مكّنت قلوبنا مِن بعضِنا قد تتمرّد ولا يعجبها أن يسعَد أحدٌ تحتها كما نسعدُ نحن .. لكنّها ستتجمّد حينَ ترى الإلتحام الروحيّ الأوّل حينُ سيُقرر القدر –حتماً- أن يُكرِّمنا بِه .. قد تغارُ علينا وتحترِق .. لكنّه سيكون احتراقاً مُباركاً لأنّكَ ضَمن أسبابِه .


هناك تعليق واحد: