الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

إنصافٌ مُصغّر لِلكتابة


لستُ مُتأكّدة إن كنتُ أودّ كِتابة شيء مُعيّن الآن، لكن سأكتب لِغرض الكِتابة ليسَ إلّا .. وهذا وحدهُ هدفٌ نبيل قذر .. يصنعُ نُبلهُ مِن قذارته. على كُلٍّ أظنُّ أنَّ الكِتابة امرأةٌ عجوز تمرُّ عليها أيّامُ العنفوان أحياناً، جالِسة بِثوبها الطّويل ذو الشّقِّ العالي الذي يكشفُ عن ساقِها مملوءة الشّعر، تُمسك بإبرةِ الحِياكةِ التي تطعن إصبعها كثيراً دون عمد .. لا تتذمّر، فقط تمنح الإبرة حقّها في إرتكاب الأخطاء وتبتسم حِين تُبالِغ في سكبِ دمِها، عيناها الغائِرتين تأسرانِ النّظارة التي مضى على انكسارها شهران، تُغريهِا لتجعل العالم في مُقلتيها أدقّ، بينما يأسرُ صوتها آلةَ العودِ المُعطّلة التي تُحيّيها دائِماً بعزفِ مقطوعاتٍ تستفيقُ لها الأزهارَ في شُرفتِها حِينَ تُقرّرُ أن تُغنّي، لكِنَّ الثّوب..الثّوبَ الذي تحكيهِ وحدهُ مَن يتمنّى ألّا تفرغَ مِنهُ كيلا تفوتهُ نعومةُ كفّيها وهيَ تتحسّسه..وحدهُ مَن يتمنّى لو يُصيّرُ جِلداً لِيحظى بِشرفِ رؤيةِ السّرِ الكامِن في مفاتنها التي لم تذبل رغم شِيبِ الزّمان..بينما يُغري شعرها الأبيض المُنسدِل على كفّيها النَّسيمَ ليمُرَّ عليه .
إنّها الكِتابةُ التي تُغري كُلَّ شيء، الكِتابةُ التي تتحدّى القدر بِجعلها عجوزاً تفوتها بعض القفزات..أحمق حقاً..لا يعلمُ أنَّ روحها أبديّةُ الشّبابِ لن تذبل أبداً ولن يُصيبها عَجز..لم يعلم أنّها تفوّقت عليهِ حِينَ منحت أبنائها حقَّ معرفتهم لها ما منحها ديمومةً لا ينفلِتُ خيطها مِنَ الوجود، سهلةٌ مُدهِشة .. تتغلَّبُ على الجميعِ في اللحظةِ التي يظنّونَ أنّهم تغلّبوا عليها .. تفتحُ أبوابها في لحظةِ تسبقُ اليأسَ مِنها .. قريبةً حتّى ممّن يدّعي بعدهُ عنها.. تمُدّ كفّيها لكَ مهما شتمتها واتهمتها .
مجدٌ لا يموت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق